الحق مع علي و علي مع الحق

تشافيز لـ«السفير»: ملاحقة

تشافيز لـ«السفير»: ملاحقة

 

تشافيز لـ«السفير»: ملاحقة البشير مهينة ... والمطلوب تجديد الناصرية

القمة العربية اللاتينية في الدوحة تصطدم بالحواجز السياسية والاقتصادية

 

 

حمل ضيوف الدوحة القادمين من أميركا الجنوبية، وهم يفضلون عدم تسميتهم بالأميركيين اللاتينيين، في آمالهم الكثير، في ما يتعلق بالاقتصاد. لكن لم يكن في جعبة مضيفيهم العرب ما يقدّمونه سوى السياسة والدبلوماسية.. فكادت القمة العربية الاميركية الجنوبية الثانية تنتهي الى خيبة متبادلة، لولا بعض الجهد الذي بذل من الجانبين للبحث عن لغة مشتركة، وعن اهداف موحدة مهما كانت بعيدة المنال.
من اللحظة التي بدأت فيها الجلسة الافتتاحية بدا ان هناك مسافة شاسعة تفصل بين الكتلتين. تتسلم رئيسة اتحاد دول أميركا الجنوبية، الرئيسة التشيلية ميشال باشليه، الكلام. تثير بلبلة في أوساط العرب، عندما ارتكبت الخطأ المحرّم، واصفة المنطقة بـ«الخليج الفارسي». تململ وزير خارجية دولة الامارات عبد الله بن زايد في مكانه، كأنه يريد أن يصوّب لها كلامها. تكفّل أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني بالمهمة «نحن ندعوها (المنطقة) الخليج العربي».
الرئيس الليبي معمر القذافي غادر كرسيه خلال الجلسة، في حركة وصفها الكثيرون بـ«الاستعراضية»، فيما غمز البعض إلى أن غايتها «لقاء الرئيسة الأرجنتينية كريستينا كيرشنير». القذافي «تنزه» داخل القاعة، مباشرة باتجاه كيرشنير، ثم عرّج على تشافيز، فموراليس. وعندما وصل عند الملك السعودي عبد الله، حياه بإيماءة بالرأس، ثم بلغ الرئيس السوري بشار الأسد. وتبادلا سلاماً حاراً.
تشافيز، المتخفف من «أثقاله» الدبلوماسية، يقفز بين الصحافيين داخل قاعة دفنة، حيث عقدت القمة العربية اللاتينية، بابتسامته المعهودة. يسأل ثلاثة مصورين لبنانيين: من أين أنتم؟.. يجيبونه: من لبنان. قال أحد هؤلاء ان الرئيس الفنزويلي بدا كأنه لم يعرف ما هو لبنان. اعترض الثاني: ربما لم يفهم إجابتنا. مزح الثالث: ربما كان يتعين علينا أن نجيبه لبنان ـ حزب الله السيد حسن نصر الله. بجدية أكبر، يهمس أحدهم قائلاً ان «تشافيز سأل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ما إذا كان ناصرياً». فأجاب الرئيس العربي الذي يجاوره إيجاباً. كان تشافيز، ببساطة، يريد مدخلاً للإعلان عن كتابه.
انتهت الجلسة الختامية. خرج الرؤساء من أجل الصورة التذكارية. بعدها اتخذ تشافيز والأسد والرئيس الفلسطيني محمود عباس ركناً، وتحادثوا لبضع دقائق. ثم توجّه الرؤساء إلى استراحة الغذاء. بين الحدثين سرق ثلاثة صحافيين برازيليين دقائق من تشافيز.
عندما سلكت «السفير» السبل الدبلوماسية للقائه، جاء الرد ممازحاً «عليكم الانتظار سبع سنوات.. إلى أن يصلكم الدور». مع البرازيليين الثلاثة، التقت «السفير»، الرئيس «الناصري» الفنزويلي. وهو لقب منح لتشافيز، الذي أتى إلى القمة حاملاً كتاباً عنوانه «الثورة العربية»، على غلافه صورة كبيرة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بعدما كان قد دعا العرب في كلمته امام القمة الى تجديد المشروع الناصري.
لم يكن الرئيس الفنزويلي لينتظر سؤالاً، هو يعلم «القضية» التي يريد
التركيز عليها. قال «كانت لدي الفرصة للقاء الرئيس السوداني عمر البشير. تحادثنا. وعبّرت له عن دعمي المطلق».
لا يفهم تشافيز «لماذا لم يلاحق (لويس اوكامبو) (الرئيس الأميركي السابق جورج) بوش، لماذا لم يجر تحقيقاً في العراق وفي أعداد الأطفال الذين قُتلوا هناك». هي ازدواجية معايير تعني بالنسبة لتشافيز أن «المحكمة سلاح سياسي لأنهم يريدون سحق العالم الثالث»، وذلك ليس سوى «تبعات الامبريالية»، ولهذا «علينا رفضها»، لأنه «لا يمكنهم أن يكونوا قوة فائقة للطبيعة مع الحق في محاكمة أحدهم»، فـ«الرؤساء يتمتعون بحصانة بحكم القانون الدولي وإدانتهم تعتبر انتهاكاً لهذا القانون».
تسأله «السفير» ما الذي يحدوه إلى هذا الموقف، غير مواجهة الامبريالية التي تحاول فرض نفسها على الدول الأضعف، يجيب تشافيز بأن «على جميع الدول في العالم الثالث أن تشعر بالإهانة جراء قرار المحكمة الجنائية الدولية». ترى أين هي بعض الدول العربية من هذا الإحساس؟.
مسألة «إدانة» قرار ملاحقة البشير كانت مثيرة للانقسام في القمة. غالبية الدول اللاتينية لم ترد تضمين إعلان الدوحة أي إشارة الى المسألة. صباحاً كانت «السفير» قد علمت أن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا والرئيسة الأرجنتينية، على الأقل، «كانا من بين المستائين» بشأن الطلب العربي. لم يشأ مستشاره ليسيو راينر أن يؤكد ذلك.
لكن الرئيسة التشيلية أفاضت في المؤتمر الصحافي الختامي في شرح المسألة، قائلة ان «الكثير من دول جنوب أميركا عانت تاريخياً من الحكم الدكتاتوري، والانقلابات. ومسألة حقوق الإنسان مهمة جداً. نحن نفهم معنى النضال من أجل الحقوق وهو نضال شرعي وملحّ. نريد السلام والاستقرار، لكن أيضاً صون حقوق الإنسان، ولهذا لم يكن ممكناً للكثير من الدول أن توقع على إعلان لا يمثلها».
وبالفعل، جاء إعلان الدوحة ناقصاً من أي إشارة للبشير. الرجل غاب أيضاً عن الصورة التذكارية.
اقتصاديا، لا تستغرب الرئيسة التشيلية اهتمام الإعلاميين، العرب أو الجنوب أميركيين، بمسألة مثيرة مثل «الخلاف» عربياً ولاتينياً، حول «إدانة» قرار ملاحقة البشير، لكنها تريد أيضاً من رجال الإعلام أن يحسبوا لقمة «الدول العربية ودول أميركا الجنوبية» نجاحاً في مجالات أخرى، وخاصة الاقتصادية.
واستحوذت الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على حيّز كبير في القمة. هي أزمة حلّها بسيط بالنسبة لتشافير. قال الرجل لـ«السفير» ان المفتاح في «الاشتراكية».
في كواليس الدوحة، التقت «السفير» وزير الخارجية البرازيلي سيلسو اموريم. كان يريد الإعلان عن أنه «لم يوقَّع أي اتفاق للتجارة الحرة بين كتلة الميركوسور والدول الخليجية». فـ«الشركات الخاصة في أميركا الجنوبية لا تريد أن تُغرق أسواقها بالنفط والمنتجات النفطية والكيميائية العربية»، على حساب المواد المحلية الصنع.
لا تشمل الميركوسور كل دول اميركا الجنوبية، ومع ذلك يشكل النفط العربي عائقاً أمام دخولها في اتفاق للتجارة الحرة مع بعض العرب.. فكيف إذاً يجري الحديث عن طموحات مستقبلية لإبرام اتفاقات للتجارة الحرة بين الكتلتين، بمعنييهما الأوسع، العربية واللاتينية؟ لم تجب باشليه عن سؤال «السفير»، لكنها أكدت أن «العديد من الدول (اللاتينية)، ومن بينها تشيلي، مستعدة لإبرام أنواع كثيرة من الاتفاقات التجارية واقتصادية مع العرب»، على غرار الاتفاق مع منظمة «اوبك»، لأن «تعزيز التجارة.. هو المدخل لتأسيس نظام تجاري» عالمي أكثر أمناً من نظام بريتون وودز المالي.
وقد أطلقت القمة نداء الى نظام مالي عالمي جديد من دون مضاربات، قبل يومين من قمة مجموعة العشرين في لندن. وأعربت الدول العربية الـ22 والأميركية الجنوبية الـ12 في ختام القمة عن «القلق المشترك حول الازمة المالية العالمية وتأثيراتها على اقتصاديات الدول العربية ودول اميركا الجنوبية وكيفية الحفاظ على مصالحنا في إطار الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي».
وأكد القادة المشــاركون «الـحاجة الى انشاء نظام مالي دولي يمــنع المضاربات المالية ويضع في الاعتبار القـواعد الملائـمة»، فيـما شدد «إعلان الدوحة» على ضرورة «استحداث نظام مالي دولي والحاجة لقيام المؤسسات المالية الدولية والدول المتقدمة بدور تجاه تداعيات الازمة المالية العالمية لدعم الدول النامية».
جانب أخير مثير للاهتمام في القمة، التي ستعقد مجددا في 2011 في ليما (البيرو). عندما تسأل المراقبين والصحافيين اللاتينيين، عن الفارق في «التجربة الديموقراطية»، بين الكتلتين، يشعرون بالحرج للإجابة. لا داعي لشرح الفارق، فهو «ظاهر للعيان». الى مائدة القمة رؤساء عرب غالبيتهم من «المعمّرين»، ورؤساء لاتينيون جدد لم يكونوا ليصلوا إلى الحكم لولا إرادة شعوبهم، بالإضافة إلى أن من بينهم رئيسات، قال الصحافي الأرجنتيني فرناندو فراكيللي. 
  

السفير

ارسل تعليق

No comments found.

Search site

جميع الحفوف محفوظةali1.webnode.com