الحق مع علي و علي مع الحق

السنيورة يحجب تقرير طابوريان

السنيورة يحجب تقرير طابوريان لمنع الحكومة من مناقشة أوضاع الكهرباء

منذ شهر تقريباً، تسلّمت الأمانة العامّة لمجلس الوزراء تقريراً أعدّه وزير الطاقة والمياه ألان طابوريان، بناءً على طلب المجلس، يعرض فيه المشكلات الأساسية لقطاع الكهرباء ويقترح أفكاراً محددة لمعالجتها بهدف تأمين الطاقة الكهربائية للمواطنين 24 ساعة بعد 24 شهراً... إلا أن الرئيس فؤاد السنيورة يرفض حتى الآن عرض هذا التقرير على جدول الأعمال

يرسم أحد المسؤولين «المقيمين» في السرايا الحكومية ابتسامة «صفراء» عند سؤاله عن السبب الذي يجعل من ملفّ الكهرباء ملفّاً رئيساً في الإثارة الإعلامية التي يفتعلها الآن فريق الأكثريّتين النيابية والوزارية، فيما رئيس الحكومة فؤاد السنيورة يمتنع منذ شهر تقريباً عن إدراج التقرير الذي أعدّه وزير الطاقة والمياه ألان طابوريان على جدول أعمال مجلس الوزراء لمناقشته واتخاذ القرارات في شأن الأفكار الواردة فيه. يشير هذا المسؤول بإصبعه إلى أربعة صناديق كرتونية بيضاء مخصصة لاستيعاب الأوراق من نوع A4 مصفوفة عند إحدى زوايا مكتبه... ويجيب بلهجة لا تخلو من التهكّم: «لقد صرفنا وقتاً طويلاً على إعداد هذه الخطة للكهرباء، وسننتظر الوقت المناسب لإقرارها وتنفيذها... وبالتالي، لن ننشغل على أبواب الانتخابات بخمس صفحات خطّها الوزير طابوريان من دون استشارتنا أو الأخذ بالآليات والأهداف التي وضعناها».

الهدف هو الخصخصة

طبعاً، يرفض المسؤول نفسه الكشف عن تفاصيل الخطة التي يشير إليها، ولكن لا أسرار يمكن حفظها طويلاً في لبنان. فالصناديق الأربعة تحتوي في الواقع على الدراسات والتقارير والاتفاقيات ومشاريع القوانين والمراسيم التي أعدّت منذ مدّة لخصخصة قطاع الكهرباء (بيع الإنتاج والتوزيع من دون النقل الذي سيبقى بيد الدولة وفق قانون تنظيم قطاع الكهرباء الذي أقرّه المجلس النيابي في عام 2002)، وفرض الخصخصة خياراً وحيداً متاحاً أمام اللبنانيين من أجل الحصول على تغذية كهربائية دائمة ومستقرّة وإلا... فالتعتيم الشامل. وهناك واحد من هذه الصناديق يُعدّ الأدسم أو حجر الزاوية لأنه يتضمّن نتائج الدراسات الاستشارية التي قدّمتها مؤسسة التمويل الدولية (IFC) بموجب الاتفاقية الموقّعة في عام 2007 مع المجلس الأعلى للخصخصة، وترمي إلى المساعدة على تحرير قطاع الكهرباء وفتحه أمام منتجي الطاقة المستقلين (IPP) بدءاً من مشروع سيُعطى لجهة «محظية» من القطاع الخاص من أجل إقامة معمل جديد في دير عمار بقدرة إنتاج تبلغ 450 ميغاواط، على أن تضمن الحكومة معدّلات أرباح «مقبولة» للمستثمر عبر ضمان شراء الإنتاج منه بأسعار يحددها هو بحسب البنود الواردة في مسوّدة دفتر الشروط!
يرفض الرئيس السنيورة، ومن معه، مناقشة أيّ خيارات بديلة من الخصخصة أو إشراك القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء، علماً بأنّ دراسة البنك الدولي، الذي تتبع له مؤسّسة التمويل الدولية، ولا تحتويها الصناديق الأربعة، خلصت في العام الماضي إلى نتيجة مغايرة لما يريده السنيورة، إذ حذّرت من أن كلفة إنتاج الكيلوواط الواحد من الكهرباء باستثمارات القطاع الخاص ستكون أغلى بما لا يقلّ عن ثلاثة سنتات من كلفة إنتاجه باستثمارات القطاع العام، وبالتالي لا يمكن اعتماد الخصخصة خياراً مناسباً في ظروف لبنان، لأن ذلك سيرتّب أكلافاً أعلى للطاقة وسيرتدّ سلباً على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية... هذا الموقف الصادر عن البنك الدولي (الراعي العالمي للدعوات إلى الخصخصة) وجّه صفعة قوية للخطة الموضوعة، ما استدعى تدخّلاً فاضحاً مع مسؤولي البنك في واشنطن من أجل تغيير هذه الخلاصة وجعلها تصبّ في مصلحة خيار الخصخصة، فعاد فريق الخبراء إلى بيروت وأعاد النظر في كل الفرضيات والأرقام والوقائع، لكنه لم ينجح في التوصل إلى الخلاصة المطلوبة منه، فكل ما استطاع القيام به هو خفض فارق الكلفة المذكورة من 3 سنتات إلى 1.6 سنت، أي إن الخلاصة بقيت سلبية.

مواجهة مصالح «مافيويّة»

أدرك طابوريان منذ البداية أنّه سيواجه شبكة مصالح «مافيويّة» ثابتة وقويّة في الكهرباء، فتسلّح بخلاصة دراسة البنك الدولي ورفض الإذعان للضغوط وتبنّي الخطط السابقة المرتكزة إلى خيار الخصخصة فقط، بل اندفع إلى الأمام في المواجهة ليعلن في المجلس النيابي في أيلول من العام الماضي «أن الدافع الأساسي الذي يجعل بعض أركان الطبقة السياسية متحمسين جداً لخصخصة الكهرباء، هو أن زيادة سنت واحد على سعر كل كيلوواط ساعة سيضع أكثر من 200 مليون دولار سنوياً أرباحاً إضافية في جيوب المستثمرين على حساب مصلحة المواطن والخزينة العامة».
قيل يومها إن طابوريان أعدم نفسه سياسياً، تماماً كما فعل الوزير السابق موريس صحناوي عندما أعدّ خطته، مستبعداً خيار الخصخصة، وقبله الوزير الراحل جورج افرام عندما تصدّى للفضيحة الماثلة اليوم بسبب خطط الرئيس الراحل رفيق الحريري لبناء معملي دير عمار والزهراني بكلفة 600 مليون دولار وتوزيعهما مذهبياً (منطقة سنّية ومنطقة شيعية) في مقابل معملي الذوق والجيّة المتهالكين (منطقة مسيحية وأخرى درزية) من دون أي قاعدة علمية ومن دون توفير شروط الإمداد بالغاز الطبيعي وشبكات نقل الطاقة، إذ بدا الأمر منذ البداية بمثابة صفقة مكلفة جداً لأغراض لا تتماشى مع أهداف إعادة بناء قطاع الكهرباء، والدليل أن كلفة الكهرباء اليوم هي الأعلى وهي لا تصل إلى الناس بعد 18 سنة من انتهاء الحرب... المفارقة الجاذبة، التي تحمل أبلغ الدلالات، أن هؤلاء الوزراء الثلاثة (افرام وصحناوي وطابوريان) هم الوحيدون الذين جاؤوا إلى وزارة الطاقة من القطاع الخاص!
لقد أعلن طابوريان منذ تولّيه الحقيبة الوزارية أن الحل المناسب هو في إبقاء ملكية الدولة لقطاع الكهرباء، وتشركة مؤسسة كهرباء لبنان، ما يوفر «حلاً مناسباً للمشاكل الإدارية والبشرية والمالية التي تتخبط فيها المؤسسة»، داعياً إلى بحث مشاركة القطاع الخاص في الإدارة ولكن بطريقة منظمة وغير عشوائية، من أجل تفادي الأخطاء السابقة عندما أُعطيت تراخيص الامتياز لبعض الشركات التي تشتري الكهرباء بسعر خمسين ليرة لكل كيلوواط ساعة، فيما تبيعها للمشتركين بسعر وسطي يبلغ 127 ليرة لكل كيلوواط ساعة.

المؤسّسة يمكن أن تربح

أصرّ طابوريان على موقفه، معتبراً أنه الأمثل لأنه يحمي المواطنين من تحويل قطاع الكهرباء إلى قطاع خاص احتكاري، من دون أن تكون هناك أي ضمانة بأن لا يستمر الوضع الحالي الكارثي للكهرباء... عندها اتخذ القرار السياسي بإحراقه وتحويل ملف الكهرباء برمّته إلى ورقة انتخابية. ففي الوقت الذي تُعطل فيه أي مبادرة له لإدخال بعض التحسينات على وضع الكهرباء، تفلت بعض الأصوات من أجل اتهامه بالعجز وغياب الرؤية لديه ولدى فريقه السياسي... هكذا اتُهم باستكمال «غزوة بيروت» عندما قرر إلغاء امتياز بيروت الإدارية وتوزيع الكهرباء بعدالة وشفافية على جميع المناطق... وهكذا تمت عرقلة احتمال الاتفاق مع مصر والأردن وسوريا على استجرار الكهرباء الفائضة إلى لبنان... وهكذا أيضاً حُجب تقريره إلى مجلس الوزراء بهدف الحدّ من انتشار الفضيحة التي كشف عنها بجزمه أنّ مؤسّسة كهرباء لبنان لا تخسر مالياً في الواقع، إلا أن الحكومات السابقة قصدت عدم استثمار أي قرش منذ عشر سنوات في أكثر القطاعات حيوية، الأمر الذي أوجد، عن قصد، فارقاً شاسعاً بين القدرة الإنتاجية والطلب الاستهلاكي بهدف الاستمرار بالتقنين القاسي. وعمدت الحكومات إلى تحميل مؤسسة كهرباء لبنان أكلاف التجهيز والقروض والفوائد المعقودة في النصف الأول من التسعينيات من أجل تكبير عجزها المالي وتكبيلها وجعلها مكروهة جداً من المواطنين الذين باتوا يتكبّدون مبالغ طائلة لاستمداد الطاقة من مافيات الأحياء المرعيّة من القوى السياسية النافذة... وكل ذلك بهدف تبرير بيعها كخردة لحفنة من «الحيتان»، على حد قول النائب وليد جنبلاط.
أعدّ طابوريان تقريره بطلب من مجلس الوزراء نفسه، بعدما ناقش في جلسات متفرقة أموراً تتعلّق بمؤسسة الكهرباء في ضوء التحرّكات التي نُظمت في بعض القرى احتجاجاً على التقنين. إلا أن الحافز الأساسي كان ما تضمّنه تقرير لوزير المال محمد شطح الذي قدّم مشروعه لموازنة عام 2009، إذ أوحى بأنّ «دعم» الكهرباء هو المسؤول عن 40% من تراكم الدين العام، واقترح زيادة التعرفات على المواطنين لتحقيق التوازن المالي! وهذا ما رفضه طابوريان بوضوح، معتبراً أنّ سعر النفط الحالي لا يبرّر أي زيادة على التعرفات، كما أن الاستثمار في زيادة إنتاج الطاقة بما يؤمّن حاجات المواطنين يؤدّي إلى تحقيق أرباح في المؤسسة لا خسائر أو عجوزات، حتى في ظل استمرار معدّلات الفوترة على حالها (أو ما يسمّى سرقة الكهرباء).

نصّ تقرير طابوريان

يعرض التقرير المحجوب الوضع الحالي للكهرباء، بشقّيه التقني والمالي، مع الاقتراحات المناسبة للمعالجة بهدف تأمين الطاقة الكهربائية 24 ساعة يومياً للمواطنين بأدنى كلفة ممكنة للإنتاج.
أولاً: الشق التقني: يعاني قطاع الكهرباء في لبنان من مشكلة جوهرية، تعود إلى الحقبات السابقة، التي لم تلحظ إنشاء معامل جديدة للطاقة تترافق مع النمو الاقتصادي للبلد وتخلف معامل الإنتاج القديمة التي أدّت قسطها من الخدمة.
إن الطاقة الإنتاجية المتوافرة حالياً، عندما تعمل جميع معامل الإنتاج بكامل طاقتها، هي بحدود 1650 ميغاواط، بينما القدرة الفعلية المطلوبة حالياً لتأمين التيار 24 ساعة للمواطنين تفوق 2200 ميغاواط، يضاف إليها حوالى 1000 ميغاواط، كاحتياطي عند توقيف إحدى المجموعات للصيانة أو في حال حصول عطل ما عليها.
انطلاقاً من هذا الواقع، التقنين مفروض، ويصبح قاسياً عند توقّف مجموعة للصيانة الدورية أو بسبب عطل ما، وهذا ما لا يمكن تحميل تبعاته لمؤسسة كهرباء لبنان أو لوزارة الطاقة والمياه، بل للسياسة الكهربائية الخاطئة التي كانت متّبعة في تطوير هذا القطاع، إذ كان من الأجدى بناء معامل إنتاج جديدة، تلبّي تطوّر الطلب بكلفة متدنّية لإنتاج الكيلوواط ساعة.

الاقتراحات لمعالجة القصور التقني:

1ـ على المدى القصير: بهدف تأمين الكهرباء يومياً للمواطنين على مدار 24 ساعة سنرفع مشروعاً لإنشاء وحدات إنتاجية جديدة بحدود 1000 ميغاواط تقريباً تعمل على أنواع متعددة من المحروقات بما فيها الغاز الطبيعي عند توافره. تعدّ هذه المجموعات الأكثر توفيراً في مادة الفيول أويل. بالإمكان ربط الوحدة الأولى منها بعد سنة من الموافقة وإعطاء أمر المباشرة بالعمل وينتهي ربط الأخيرة منها بعد مرور 24 شهراً على بدء المشروع، أي بعد مرور سنة على تركيب الوحدة الأولى وتكون الكلفة الإنتاجية تناهز نصف معدل الكلفة الحالية لإنتاج الكيلوواط ساعة.
2 ـ على المدى المتوسط: إنشاء معمل جديد Base Load (على الأرجح يعمل على الفحم الحجري) بطاقة إنتاجية مقدرة بـ1500 ميغاواط لتأمين أكبر كمية إنتاج (بنسبة 80% تقريباً) وذلك بأقل كلفة ممكنة. يتطلب إنجاز هذا المعمل وربطه على الشبكة خمس سنوات.
ثانياً: الشق المالي: أسباب ارتفاع كلفة الكيلواط ساعة:
1ـ إن معامل الإنتاج في الزهراني ودير عمار وصور وبعلبك، بنيت منذ أعوام لتعمل أساساً على الغاز، من دون توفير هذه المادة، ما أوجب تحويلها على الغاز أويل (المازوت) وهو الأعلى كلفة وسعراً بين المشتقات النفطية.
2ـ إن معملي الجية والذوق اللذين يعملان على الفيول أويل كلفة إنتاجهما مرتفعة بسبب هرمهما.
3ـ الطاقة التي يتم استجرارها لسد قسم من النقص الحاصل حالياً مكلفة أكثر مما لو كانت منتجة محلياً.
4ـ ارتفاع نسبة الهدر الفني على الشبكة في لبنان نسبته 15% من الطاقة المنتجة، بينما النسبة المقبولة عالمياً هي بحدود 8%، وهي نتيجة عدم تأمين التمويل اللازم لتحديث الشبكة.
هذه هي أهم الأسباب التي جعلت كلفة الكيلوواط ساعة حالياً تعادل ضعفي الكلفة المفترضة إذا كان الإنتاج من معامل حديثة تعمل على مواد نفطية.
الأسباب الرئيسية للعجز المالي لمؤسسة كهرباء لبنان:
إضافة إلى الكلفة الباهظة للكيلوواط ساعة كما ذكر أعلاه، ضُخِّم العجز المالي لمؤسسة كهرباء لبنان بتحميلها أعباءً إضافية ليست من مسؤوليتها، ومن أهمها:
1ـ عدم تطبيق المواد 8، 27 و28 من مشروع القانون الموضوع موضع التنفيذ بموجب المرسوم رقم 16878 تاريخ 10/7/1964 وتعديلاته (إنشاء مصلحة كهرباء لبنان) التي تحدد أن أعمال الإنشاء والتجهير الكهربائية تقع أصلاً على عاتق الدولة اللبنانية وأن عملية إدارة هذه المنشآت واستثمارها تقع على عاتق مؤسسة كهرباء لبنان، قد حمّل المؤسسة أعباءً مالية ضخمة للإنشاء والتجهيز من دون وجه حق.
2ـ تحديد تعرفة مبيع الطاقة إلى الامتيازات بأسعار متدنية قد حمّل أعباءً إضافية لمؤسسة كهرباء لبنان بدلاً من تحميلها لخزينة الدولة التي أقرّت تلك التعرفة بقرارات صادرة عن مجلس الوزراء.
3ـ تحميل مؤسسة كهرباء لبنان عبء عدم تسديد مستحقات الجباية من المخيّمات والإدارات والمؤسسات العامة.
هذه هي أهم الأسباب التي أوقعت مؤسسة كهرباء لبنان في عجز مادي، وفقاً للجدولين المرفقين، مع احتساب سعر برميل النفط بحوالى 40 دولاراً كما هو متعامل به حالياً، لا كما هو مذكور في مشروع الموازنة العامة لعام 2009، أي 56 دولاراً لأن هذا السعر يشمل قسماً من مصروف النفط الذي استهلك عام 2008.

خلاصة التقرير:

ألغى هبوط سعر برميل النفط إلى 40 دولاراً فرضية زيادة التعرفة لتأمين التوازن في موازنة مؤسسة كهرباء لبنان وذلك إذا ما احتسبنا الوفر الذي يتحقق من خفض كلفة الإنتاج، إضافة إلى حذف أعباء الإنشاء والتجهيز من موازنة هذه المؤسسة وفقاً لمواد القانون المنفّذ بالمرسوم رقم 16878/64 لتبيّن لنا حكماً عدم الحاجة إلى رفع تعرفة الكهرباء، بل سيصبح بإمكان مؤسسة كهرباء لبنان تحقيق وفر يمكّنها مستقبلاً من العودة إلى جني أرباح ورفد الخزينة بموارد إضافية كما كان ذلك في السابق، وخاصة بعد أن نكون قد أنجزنا المعامل المقترحة في خطة المدى المتوسط.
يضاف إلى ذلك الوفر الإضافي الممكن تحقيقه إذا ألغينا الهدر غير الفني بمؤازرة الدولة وجميع الفاعليات السياسية (نوضح أن خفض هذا الهدر أو إلغاءه لم يؤخذ بعين الاعتبار في الجداول التي أوردناها سابقاً وتم احتسابه في كلتا الحالتين بنسبة 19%).
استناداً إلى كل ما سبق نعود ونؤكد على:
1ـ أنه يجب تمكين مؤسسة كهرباء لبنان من القيام بدورها لتطوير قطاع الكهرباء واستثماره على الشكل الأكمل عوضاً عن تحميلها مسؤولية العجز المتراكم وإفساح المجال لها بالتوظيف لإعادة استكمال هيكليتها، إذ إنها تعمل الآن بأقل من 50% من جهازها البشري مع متوسط أعمار يقارب 58 عاماً.
2ـ من الضروري أن توفر الدولة اللبنانية الإمكانات المادية والتقنيات المنتجة اللازمة للتطوير في قطاعات الإنتاج والنقل والتوزيع، ما سيمكّننا من حل مشكلة الكلفة الإنتاجية لسلعة الكهرباء وتوفيرها على مدى 24 ساعة للخروج من الحلقة المفرغة الحالية.
3ـ عدم موافقتنا على اقتراح وزارة المال رفع تعرفة مبيع الطاقة للمواطن اللبناني الذي لا يمكن تحميله مسؤولية تقصير الدولة، سنداً إلى رأي البنك الدولي، في تأمين أدنى متطلبات الحياة وهي الكهرباء والماء. ومن ناحية أخرى فإن رفع هذه التعرفة له انعكاسات سلبية حادة على بعض القطاعات الإنتاجية التي تعتمد أساساً على الكهرباء، ما سيؤدي إلى فقدانها القدرة التنافسية مع مثيلاتها ويخرجها من الأسواق ويجبرها على إغلاق مؤسساتها.
وإذا رأت وزارة المال خلاف ذلك وأصرّت على اقتراحها فلترفع هذا الاقتراح إلى مقامكم منفردة، ويبقى القرار الأخير لمجلس الوزراء مجتمعاً.



24/24

 

يطلق الوزير ألان طابوريان على خطّته اسم 24/24، أي الوصول إلى تغذية كهربائية على مدى 24 ساعة لجميع المواطنين في مهلة أقصاها 24 شهراً. وتقوم هذه الخطة على تركيب 12 مولّداً، بقوّة 80 ميغاواط لكل مولّد، في معامل الإنتاج الرئيسية الأربعة (الزهراني ــ الجيّة ــ الزوق ــ دير عمار)، وهو ما يؤمّن حوالى 1000 ميغاواط إضافية على الطاقة الإنتاجية المتاحة حالياً... وقد أجرى طابوريان استطلاعاً لدى بعض الشركات لتكوين فكرة كافية عن عمل هذه المولّدات، وتبيّن له أن كلفة تشغيلها تقلّ بنسبة 50% عن كلفة تشغيل معملي الزوق والجية.



من طلب رفع التعرفة؟

 

احتسب وزير المال محمد شطح في مشروع الموازنة لعام 2009 وفراً مالياً للخزينة بقيمة 362 مليار ليرة، من جراء تعديل التعرفة، إلا أنه اضطر إلى حذفها، بسبب رفض وزراء الأقلية، ولا سيما الوزير المعني، الذي رأى أن انخفاض سعر النفط لم يعد يبرر مثل هذا الإجراء.

الكهرباء والدَّين العام

يُصرّ فريق الرئيس فؤاد السنيورة على ترداد مقولة تفيد بأن دعم الكهرباء منذ عام 1982 مسؤول عن 40% من الدين العام، وهذه النغمة حلّت محل نغمة سابقة عن مسؤولية الإنفاق الأمني والعسكري في تراكم الدين العام، علماً بأنه لم يكن يعترف قبل ذلك بوجود مشكلة دين أصلاً.



استجرار الكهرباء من مصر

 

توجّه وزير الطاقة والمياه الان طابوريان إلى القاهرة أمس، يرافقه رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك، من أجل توقيع اتفاقية لاستجرار الكهرباء من مصر إلى لبنان.
وأعلنت السفارة المصرية في بيان لها أن الاتفاقية ستدخل حيز التنفيذ بمجرد جهوز شبكة الكهرباء اللبنانية.
وعلمت «الأخبار» أن توقيع الاتفاقية سيجري اليوم، وكان حايك قد وقّع مسودتها منذ فترة قصيرة بعدما وافقت السلطات المصرية على خفض الأسعار عن مستواها المرتفع الذي كانت تقترحه سابقاً في المفاوضات.
وقد رفض طابوريان وحايك الكشف عن الأسعار الجديدة المتفق عليها، بسبب الطلب المصري المحافظة على «سرّية» هذا الأمر، كما رفضا الكشف عن كمية الطاقة التي سيشتريها لبنان، باعتبار أن الاتفاقية تنص على بيع لبنان مما يفيض عن الحاجات المصرية.
والمعروف أن لبنان يرتبط مع مصر وسوريا والأردن بشبكة الربط الكهربائي السباعي، وكانت هذه الدول قد وافقت سابقاً على الطلب اللبناني بأن يجري تحويل كل الطاقة الكهربائية المصرية إلى الشبكة اللبنانية عندما لا تحتاج إليها هذه الدول.
وقال طابوريان إنه استطاع إدخال بند إلى الاتفاقية مع مصر يسمح بوضع عدّادات في مصر وعلى الحدود اللبنانية السورية للتدقيق بكمية الطاقة المصرية المرسلة إلى لبنان... كما استطاع إقناع الجانب السوري بالسماح باستخدام شبكته الداخلية لإيصال الكهرباء إلى محطة عنجر بسبب عدم جهوزية الخط اللبناني.

أزعور وغرامات تأخير فتح الاعتمادات

استضاف برنامج «كلام الناس» الذي يقدّمه الزميل مارسيل غانم عبر شاشة المؤسسة للإرسال مساء الخميس الماضي كلاً من وزير الطاقة والمياه الان طابوريان، ورئيس جمعية الصناعيين فادي عبوّد للحديث عن مشكلات الكهرباء، وأشار طابوريان ردّا على سؤال إلى أن وزير المال الأسبق جهاد أزعور عمد إلى اعتماد القاعدة النقدية في تسجيل الاعتمادات المفتوحة لدى مصرف لبنان من أجل شراء المحروقات لمؤسسة كهرباء لبنان، أي بات احتسابها يجري بعد 9 أشهر من حجزها بموجب التسهيلات المعطاة للحكومة من جانب الكويت والجزائر اللتين تلتزمان توريد المحروقات للمؤسسة بموجب اتفاق من دولة إلى دولة، ورأى طابوريان أن الهدف هو تجميل حسابات الموازنة عام 2006 لمرّة واحدة فقط عبر تأجيل احتساب مدفوعات محققة من النصف الأخير من عام 2006 إلى النصف الأول عام 2007، علماً أن قيمة هذه المدفوعات محجوزة لدى المصرف المركزي من دون أي فائدة عليها، فيما فترة السماح قبل صرف الاعتمادات فعلياً تنطوي على تسديد سعر محدد من الفائدة.
هذا الكلام استدعى مداخلة عبر الهاتف من جانب الوزير أزعور اتهم في خلالها طابوريان بالتجنّي، وقال في سياق مداخلته إنه كان يمتنع عن فتح الاعتمادات أحياناً لتفادي دفع فوائد قبل وصول البواخر المحمّلة بالمحروقات.
لم يتنبّه المشاركون في الحلقة إلى أنَّ ما قاله أزعور يتناقض مع الواقع المعروف، إذ إن الخزينة العامّة اضطرت في معظم الحالات خلال توليه وزارة المال إلى دفع غرامات للبواخر التي كانت تنتظر فتح الاعتمادات في عرض البحر، وتراوح قيمة هذه الغرامات بين 25 ألف دولار و30 ألفاً بحسب حجم الباخرة عن كل يوم تأخير، وبحسب معلومات «الأخبار» المستقاة من وزارة المال فقد جرى تسجيل أكثر من 150 يوم تأخير في عام واحد وتكلّفت الخزينة أكثر من 4 ملايين دولار من الغرامات... وكل ذلك يدحض ما قاله الوزير أزعور.

تشغيل معملي الزهراني ودير عمار على الفيول أويل!

توجّه الوزير الان طابوريان بسؤال إلى الشركة المصنّعة لمعملي دير عمار والزهراني عمّا إذا كان يمكن تشغيلهما على الفيول أويل بدلاً من المازوت، فجاء الجواب بأن ذلك ممكن بعد إدخال تعديلات تقنية طفيفة وغير مكلفة.
هذا الخبر ليس هامشياً، إذ إن تشغيل المعملين المذكورين على المازوت كلّف الخزينة العامّة أكثر من ملياري دولار كفارق في الأسعار مقارنةً بالفيول أويل، علماً أن المعملين مصمّمان أصلاً للعمل على الغاز الذي لم يصل إلى لبنان ولن يصل قريباً.
وينوي طابوريان العمل سريعاً على تشغيل المعملين على الفيول أويل، وهو ما يتيح وفراً سنوياً تتجاوز قيمته 65 مليون دولار، إذ إن مادة الفيول أويل التي يمكن استخدامها تحتوي على مادة المازوت بنسبة 25%، وهي تستخدم لتشغيل البواخر، ويبلغ سعر الطن منها حوالى 245 دولاراً بالمقارنة مع 380 دولاراً لطن المازوت، أي إن الوفر يبلغ 135 دولاراً في الطن، علماً بأن المعملين يستهلكان حوالى 1600 طن يومياً

محمد زبيب

ارسل تعليق

No comments found.

Search site

جميع الحفوف محفوظةali1.webnode.com