الحق مع علي و علي مع الحق

الأكثريّة قد تُخرج نفسها

الأكثريّة قد تُخرج نفسها

لعبة بلياردو بعبدا: الأكثريّة قد تُخرج نفسها

 

حسمت الأكثرية مرشحيها الموارنة في بعبدا وأخرجت النائب عبد الله فرحات من لائحتها. إلا أن

الأخير يستمرّ بالترشّح، ما يشير إلى إمكان ضربه للائحة 14 آذار. وإذا بقي الوضع على حاله

وتعثّرت 14 آذار مسيحياً، يتسلّم 8 آذار القضاء قبل أن تجري الانتخابات

 

لا يزال قضاء بعبدا محور نقاش معظم القوى يميناً ويساراً. يمثّل هذا القضاء نقطة تركيز لدى فريقي الصراع الداخلي، وهو من الأقضية القليلة التي تمثّل معارك انتخابية جدّية. يظهر هذا القضاء في صورته العامة بقعةً محسومة لقوى 8 آذار، لوجود القوّة المؤثرة للتيار الوطني الحرّ والصوت الشيعي الحاسم. إلا أنّ الصورة تتلوّن مع مرور الوقت، لتستقرّ على اللون الرمادي.
لا يمكن حسم نتائج هذا القضاء، كما يفعل بعض المتفائلين في الطرفين. فأبناء بعبدا تمتّعوا تاريخياً باستقلاليّتهم، وكانوا بعيدين عن الانتماء الحزبي الأعمى.
كذلك تميّزت بعبدا بغياب الإقطاع السياسي في حياتها، على عكس معظم المناطق والأقضية اللبنانية الأخرى. فأصبح لكل عائلة فيها أهميّتها وحيثيّتها، بعيداً عن الأحزاب.
فيمكن أخذ بعض التجارب، منها اختراق النائب السابق إلياس الخوري للائحة تحالف الكتلة الوطنية وحزبي الأحرار والكتائب عام 1960، ثم اختراق لائحة الكتلة والأحرار في عام 1964، ما يشير إلى أنّ الشارع البعبداوي قادر على إيصال صوته واختيار لائحته الخاصة بعيداً عن بلوكات السياسة.
ليس جديداً القول إنّ الصوت المسيحي يحسم المعركة في بعبدا، على اعتبار أنّ الصوتين الدرزي والسنّي يعادلان الصوت الشيعي.
ومن خلال هذه القاعدة، يدرس الجميع المعطيات ويراقبون التطوّرات ويطرحون الاحتمالات الواردة لخوض انتخابات بعبدا

سيناريوان وطاولة البلياردو

يستنتج من يجلس في الصالونات السياسية في بعبدا وجود سيناريوين متعاكسين للانتخابات في هذا القضاء؛ الأول يشير إلى أنّ الأطراف يتّجهون نحو تسوية في هذه المنطقة، رابطين الموضوع بأقضية أخرى أوّلها البقاع الغربي، فيشيرون إلى التواصل الجاري بين الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط. مفاد هذه التسوية أنّ قوى 14 آذار، وعلى رأسها جنبلاط، تسعى إلى إمرار أيمن شقير وباسم السبع، مقابل تقديم الأكثرية مقعدين للمعارضة في دائرة أخرى.
ويستند متبنّو هذا السيناريو إلى ترشيح المعارضة لشخصية شيعية «ضعيفة»، كما يصفونها، وثانياً على المجموعة الكبيرة من الشخصيات الدرزية المرشّحة.
أما السيناريو الثاني فيشدّد على أنّ معركة «كسر عظم» حاصلة في بعبدا لاعتبارات سياسية ورمزية يقرّ بها الطرفان. فبعبدا تمثّل أكبر نقطة تجمّع طائفي، ولها قيمة معنوية للجميع. فهي خاصرة الشوف، وتحتضن الضاحية، وفيها يقع القصر الرئاسي. يرى المؤمنون بهذا السيناريو أنّ بعبدا كانت نقطة التحوّل في انتخابات 2005، واليوم الجميع يسعى للفوز بها، كما في الدوائر الأخرى، لأن المعركة الانتخابية تتعدّى موضوع التمثيل ووصلت حدّ مَن يحكم مَن.
بين هذين السيناريوين، ثمة واقعة حقيقية تحصل في كلا التجمّعين: طاولة البليارد. فتألف الدوائر الانتخابية الطاولة الخضراء المخملية، وكلّ مرشح يكون كرة مرقّمة، تتناقلها الطابة البيضاء التي هي نقاش الأقطاب. هكذا، تنتقل الكرات المرقّمة من زاوية إلى أخرى. وإذا تخلّى طرف عن طابة في قضاء ما، ينجح بإسقاط رقم آخر في طاولة أخرى (قضاء آخر). وهذا التراشق الكروي لا يضيف على الصالة، حيث هذه الطاولات، إلا المزبد من الضبابية نتيجة تدخين اللاعبين خلال الجولة. وفي انتظار انتهاء اللعبة، لا تزال الأسماء والأرقام تصعد وتنزل حتى تستقر في الحُفر أو تنزوي في مكان ما على الطاولة

 

المعركة مستمرّة

 

انطلاقاً من أنّ الصوت المسيحي هو الحاسم، يحاول الفريقان الآذاريان ترتيب مرشحيهم الموارنة الثلاثة. حسمت قوى 14 آذار «موارنتها» في بعبدا: إدمون غاريوس، صلاح حنين وإلياس بو عاصي. جرى إقصاء النائب عبد الله فرحات لتمثيل أحزاب الأكثرية. أخطأت هذه القوى باتّخاذها هذه الخطوة: أولاً، لأنّ أبو عاصي لا يملك القوة التمثيلية التي يملكها فرحات. ثانياً، لكونها بهذه الخطوة دفعت الأخير إلى استكمال حملته الانتخابية منفرداً، إذ يؤكد فرحات أنه مستمرّ في الترشّح «وسأتابع معركتي من منطلق حالتي السياسية والعائلية، وأنا مرشّح معتدل ومستقلّ».
أي إنّ الأكثرية لم تكتفِ بالتخليّ عن المرشّح ذي القوة الشعبية الأكبر، لا بل حوّلت هذه القوة إلى طرف ثالث يسحب منها أصواتاً من الطوائف كلّها، ولا سيما أنّ علاقة فرحات بوليد جنبلاط، أي الطائفة الدرزية، أكثر من جيّدة. وضعت هذه الخطوة الناقصة قوى 14 آذار في وضع صعب، وباشرت شخصيات أكثرية التواصل مع فرحات لإقناعه بالعزوف عن الترشّح، لكونه يلتقي مع الأكثرية في العناوين السياسية.
من جانب 8 آذار، لم يحسم التيار الوطني الحرّ أسماء مرشحيه الموارنة. لا يزال النقاش جارياً بين شكيب قرطباوي وحكمت ديب وناجي غاريوس وألان عون. من المؤكد أنّ اسمي ديب وقرطباوي قد حُسما، في ظل وجود نقاش مع الأخير لترشيح أحد العونيين من آل أبو جودة. والاختيار بين غاريوس وعون أكثر من صعب، لأنّ الأول يمثّل منافساً قوياً بوجه قريبه الآذاري، إدمون، فيما الثاني له حضوره بين جمهور التيار.
دفع هذا التنافس ألان عون، خلال جلسة في جرد بعبدا، إلى طرح نفسه مكان قرطباوي. فأُقنع بأنه لا يمكن خوض معركة دون مرشّح مسيحي من الجرد. فتوجّه إلى الساحل وأكد ترشّحه مكان غاريوس. إلا أنّ المقرّبين من الأخير أكدوا نيّتهم المقاطعة أو التصويت لإدمون في حال عدم ترشّح ناجي، فعلقت الرابية في دوامة الاختيار بين الرجلين، ولم تخرج منها بعد، مع العلم أنّ بعض نتائج بعض الإحصاءات التي طلبها الجنرال عون أشارت إلى أنّ خوض المعركة بهذه الأسماء قد لا يساعد على إتمام المهمة بطريقة مريحة. فما زالت الأسماء تدور في فلك الرابية مع اقتراب موعد الانتخابات.
مسيحياً أيضاً، لا يزال النائب بيار دكاش يستعد للانتخابات. ومن يمرّ في شوارع منطقة الحدث، يرَ صوره، في ظل غياب أي صور أخرى. ويشير دكاش إلى أنّ الصور «جاءت بمبادرة فردية من أناس لم يحصلوا على أيّ بدل مادي». ويصرّ دكاش على موقعه الوسط في الصراع القائم، وينظر باعتدال إلى الطرفين، مشيراً إلى أنّ الاتصالات ما زالت قائمة مع التجمّعين. ويقول إنه لم يطرح بعد إمكان تأليف لائحة ثالثة في بعبدا «كي لا يعتبر الأمر استفزازاً أو ابتزازاً لأي طرف، فيما المطلوب التوصّل إلى تقارب في وجهات النظر مع الجميع وبين الجميع». فيضع احتمال اللائحة الثالثة في خانة اللائحة التوافقية «وتكون همزة الوصل بين اللائحتين الأخريين

 

استفزاز

 

شيعياً، حسمت قوى 14 آذار مرشَّحَيها، وهما النائب باسم السبع وصلاح الحركة. لا تزال حركة السبع أكثر من خفيفة في ساحل بعبدا، ويعيش خارجه بعيداً عن ناسه، فيحاول التقرّب إلى الناس عبر عدد من أقاربه. ويقوم السبع بعدد من اللقاءات الانتخابية خارج بعبدا، تفادياً لأي استفزاز على الأرض مع جمهور 8 آذار، مع العلم أنّ المقرّبين من السبع يشيرون إلى طموح 14 آذار إلى الحصول على نحو 25 أو 30% من الأصوات الشيعية في بعبدا، ما يمثّل ضربة لشعبية حزب الله. كذلك يسعى إلى نيل إجماع قوى 14 من مسيحيين ودروز، وخاصةً أنّ العلاقة بجنبلاط ليست جيدة منذ زمن.
أما صلاح الحركة، فما زال في المنطقة، يتنقّل في شوارعها ويناقش جمهورها. لم يبعده انتماؤه إلى لائحة 14 آذار عن الجمهور الشيعي، ويعتمد على الأصوات الناقمة على ثنائية حزب الله ـــــ حركة أمل، وهي موجودة في بعبدا، وتدعو إلى اختيار أبناء المنطقة والعائلات بعيداً عن السياسة. لكن لا بد من أنّ بعض الشكوك تساور الحركة، في ما يجري الحديث عنه من إمكان تسوية ما، فيُخرَج من اللعبة بعد استغلاله.
من جانب المعارضة، الجدال مستمر في هوية المقعد الشيعي الثاني الذي سيرافق النائب علي عمّار في بعبدا. الموضوع بين رمزي كنج في التيار الوطني الحرّ وطلال حاطوم من حركة أمل. ويشير متابعون إلى أنّ هذا الملف سيحسم خلال أيام لمصلحة حاطوم، ويقولون إنّ حزب الله يوافق على أي مرشح يسمّيه الرئيس بري. ويتحدّث البعض في بعبدا عن أنّ الاسمين عاجزان عن تقديم دعم إضافي للائحة المعارضة السابقة، فيشيرون إلى أنّ جمهور كنج ينحصر في أنصار التيار الوطني الحرّ، فيما حاطوم ـــــ أو حركة أمل ـــــ لا يمتلك القاعدة الشعبية المؤثّرة، وهذه القاعدة تصبّ أصلاً إلى جانب مواقف حزب الله والنائب عمّار.
يقول حاطوم إنّ الصورة إيجابية من جانب قوى المعارضة، ويؤكّد أن لا خلاف بين الرئيس نبيه بري والنائب ميشال عون.
ويرد على ما يناقَش في صالونات بعبدا بأن «في المبدأ ابن التنظيم السياسي أقوى من أي شخص مستقلّ من حيث التجيير والقرار السياسي»، مشيراً إلى أنّ الناس هم الذين سيحكمون في نهاية الأمر.
فيما تحاول قوى 8 آذار حلحلة هذه القضايا، تقوم شخصيات شيعية بتقديم ترشيحاتها، ومنها: رياض رعد، حسن خليل، فادي علامة، سعد سليم وغيرهم. يحاول هؤلاء الاتّكال على عملية تبادل الأصوات مع عائلات بعبدا. ففي هذه التكوينة الاجتماعية بعض الخلافات والحساسيات التي يمكن أن تفيد المرشحين المنفردين

 

مفاتيح الأكثرية

 

جدّدت الأكثرية ثقتها بالنائب أيمن شقير عن المقعد الدرزي، ولا خلاف على هذا المقعد في قوى 14 آذار. ويمكن اعتبار شقير أحد أهم مفاتيح الأكثرية في بعبدا، نظراً إلى أهمية الصوت الدرزي في هذه المعركة. أما المعارضة، فلم تحسم أمرها بعد، وما زال النقاش جارياً، وخاصة بين النائب عون والوزير طلال أرسلان.
وثمة أكثر من سبعة مرشحين قدموا طلباتهم بنيّة دخول المعركة الانتخابية. يتركّز جهد عون وأرسلان على اختيار أحد الأسماء من آل الأعور، والأرجح أنّ النقاش سينتهي للاختيار بين فادي أو عمر الأعور.
لكن ما يخيف المعارضة هو الانقسام الحاصل داخل عائلة الأعور، الذي سينعكس على صناديق الاقتراع في حال استمرار هذا العدد الكبير بالترشّح.
هذه هي حال بعبدا قبل أسابيع من الانتخابات. والأبرز أنّ الحملات الانتخابية لا تزال تقتصر على لقاءات مصغّرة في هذه القرية أو تلك.
وتشير حركة المخاتير إلى احتدام المعركة، فيما بدأت مجموعة من الشخصيات بفتح بعض المكاتب الانتخابية في القضاء

 

أجواء ضيعوية

يفرح «السكّان الأصليون» لبرج البراجنة خلال عطلة نهاية الأسبوع لخروج سكّان المناطق من قريتهم. يستفيدون من «الهدوء» ويعيدون الأجواء الضيعوية إلى البرج. وفي عادة مستحكمة، يجتمع أهالي البرج كل مساء، وظهر كل يوم أحد في مقرّ نادي البرج الرياضي. تحوّل النادي إلى مركز للقاءات السياسية التي يحكمها التنكيت. تحضر وجوه عديدة، من نواب ومرشحين للانتخابات و«وجهاء»، رغم الاختلافات السياسية. وفي جوّ شاي وقهوة تجري بعض الأحاديث الجدّية التي تنتهي بالمزاح. وأبرز الحاضرين عادة ما يكون النائب علي عمّار

 

للخروج من هوّة 2005

 

رفض المرشّح رمزي كنج وضع ترشّحه في خانة التحدّي والمقايضة بين النائب ميشال عون والرئيس نبيه بري. وأشار إلى أنّ «من واجبنا توفير أفضل الظروف للفوز بالمعركة، لأن رقبتنا بالدقّ ويجب عدم تناتش المقاعد، بل العمل لتوفير أفضل الظروف للخروج من الهوة التي وجدنا فيها منذ عام 2005

 

التمسّك بالأرض وبمستقبل واعد

 

رأى المرشّح إدمون غاريوس أن الانتخابات هي «محطة للوصول بممثّلين جدد همّهم هو بناء الدولة القوية، القادرة والحامية الوحيدة للوطن، دولة المؤسسات وعلى رأسها الرئيس ميشال سليمان». وأكد أن «الذين نريدهم أن يصلوا إلى البرلمان يجب أن يكونوا متمسّكين بالأرض وبحقّ أولادنا بمستقبل واعد بالعيش معاً

 

نادر فوز
 

ارسل تعليق

No comments found.

Search site

جميع الحفوف محفوظةali1.webnode.com